لطالما كانت التعريفات الجمركية أداةً تستخدمها الحكومات لحماية الصناعات المحلية، وتصحيح الاختلالات التجارية، أو ممارسة الضغط الاقتصادي. ورغم أن الأهداف المباشرة لهذه السياسات التجارية غالبًا ما تكون محددة بدول أو قطاعات، إلا أن تداعياتها قد تمتد إلى نطاق واسع، بما في ذلك اقتصادات الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي المجاورة. ورغم عدم انخراط دول الخليج بشكل مباشر في هذه النزاعات التجارية، إلا أنها قد تواجه عواقب غير مباشرة، لا سيما بالنظر إلى دورها المحوري في أسواق الطاقة العالمية وارتباطها النقدي بالدولار الأمريكي.
بالنسبة للكويت ومعظم دول مجلس التعاون الخليجي، لا يزال التأثير المباشر للرسوم الجمركية، وخاصةً تلك المفروضة بين الاقتصادات العالمية الكبرى كالولايات المتحدة والصين، محدودًا نسبيًا. تحافظ هذه الدول على علاقات تجارية متنوعة، وتُصدّر بشكل رئيسي موارد الطاقة، التي لا تُعدّ عادةً من الأهداف الرئيسية لأنظمة الرسوم الجمركية. ونتيجةً لذلك، من المتوقع أن يظل التدفق المباشر للبضائع بين الكويت وجيرانها وشركائهم التجاريين مستقرًا. علاوةً على ذلك، ساعد الموقع الجغرافي الاستراتيجي لدول الخليج واستثماراتها في البنية التحتية للموانئ والخدمات اللوجستية على الحفاظ على ممرات تجارية فعّالة أقل عرضة للنزاعات الجمركية بين كبار اللاعبين العالميين. وقد عزز هذا من قدرة المنطقة على الصمود في مواجهة تصاعد الحمائية في أماكن أخرى.
ومع ذلك، فإن الآثار غير المباشرة لتصاعد الرسوم الجمركية أكثر إثارة للقلق. فعندما تنخرط الاقتصادات الكبرى في حروب تجارية، فإنها تُعطل سلاسل التوريد العالمية وتُضعف ثقة الشركات. وهذا يؤدي إلى انخفاض الاستثمار، وانخفاض إنفاق المستهلكين، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي بشكل عام. وبالنسبة للدول المُصدرة للنفط، مثل الكويت ونظيراتها في مجلس التعاون الخليجي، يُشكل هذا السيناريو خطرًا واضحًا. فغالبًا ما يُترجم التباطؤ الاقتصادي العالمي إلى انخفاض الطلب على النفط والغاز، اللذين يُمثلان حجر الزاوية في العديد من اقتصادات الخليج. وقد يُؤدي انخفاض الاستهلاك العالمي المُطول إلى ضغوط هبوطية على أسعار الطاقة، مما يؤثر على الإيرادات الحكومية والخطط والنمو الاقتصادي الأوسع في المنطقة.
يزداد الوضع تعقيدًا بفعل الضغوط التضخمية التي غالبًا ما تُسببها الرسوم الجمركية. فعندما ترتفع أسعار السلع بسبب ضرائب الاستيراد، ترتفع تكاليف الشركات والمستهلكين. ويضع هذا التوجه التضخمي البنوك المركزية، وخاصةً الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في موقف صعب. ولمكافحته، قد يختار الاحتياطي الفيدرالي إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول. ولهذا عواقب مباشرة على اقتصادات دول الخليج التي ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي، بما في ذلك الكويت. فعادةً ما يتطلب ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية من البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي أن تحذو حذوها للحفاظ على استقرار العملة ومنع تدفقات رأس المال إلى الخارج. ونتيجةً لذلك، ترتفع تكاليف الاقتراض في جميع أنحاء المنطقة. ويمكن أن يُقيّد هذا النشاط الاقتصادي، ويُبطئ نمو القطاع الخاص، ويزيد من تكلفة التمويل لكل من الشركات والحكومات.
رغم أن الرسوم الجمركية قد لا تُعيق التجارة بين الكويت ودول الخليج المجاورة بشكل مباشر، إلا أن تأثيرها الأوسع على الاقتصاد العالمي قد يُخلّف عواقب وخيمة على المنطقة. ويُشكّل تباطؤ النمو العالمي والطلب على الطاقة، إلى جانب تشديد الأوضاع النقدية نتيجةً لاستمرار ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، تحدياتٍ للتوقعات الاقتصادية الخليجية. ويتعيّن على صانعي السياسات في المنطقة توخي اليقظة، وتكييف الاستراتيجيات المالية والاقتصادية لمواكبة هذا المشهد العالمي المتطور، مع مواصلة الاستثمار في التنويع الاقتصادي وتعزيز المرونة الاقتصادية.


أضف تعليقًا